
هلَّا أتى المفترون على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على فريتهم العظيمة بأربعة شهود يشهدون على صحة ما نسبوا إليها، فإن لم يأتوا بأربعة شهود على ذلك - ولن يأتوا بهم أبدًا - فهُم كاذبون في حكم الله.
وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ْ أي: لهم عقوبة أخرى، وهو أن شهادة القاذف غير مقبولة، ولو حد على القذف، حتى يتوب كما يأتي، وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ْ أي: الخارجون عن طاعة الله، الذين قد كثر شرهم، وذلك لانتهاك ما حرم الله، وانتهاك عرض أخيه، وتسليط الناس على الكلام بما تكلم به، وإزالة الأخوة التي عقدها الله بين أهل الإيمان، ومحبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا دليل على أن القذف من كبائر الذنوب.
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أي: لنظيره، من رمي المؤمنين بالفجور، فالله يعظكم وينصحكم عن ذلك، ونعم المواعظ والنصائح من ربنا فيجب علينا مقابلتها بالقبول والإذعان، والتسليم والشكر له، على ما بين لنا إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ دل ذلك على أن الإيمان الصادق، يمنع صاحبه من الإقدام على المحرمات.
قل - أيها الرسول - للمؤمنين يكفّوا من أبصارهم عن النظر إلى ما لا يحل لهم من النساء والعورات، ويحفظوا فروجهم من الوقوع في المحرم، ومن كشفها، ذلك الكف عن النظر إلى ما حرمه الله وحفظ الفروج أطهر لهم عند الله، إن الله خبير بما يصنعون، لا يخفى عليه شيء منه، وسيجازيهم عليه.
«إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه» أي الرسول «على أمر جامع» كخطبة الجمعة «لم يذهبوا» لعروض عذر لهم «حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم» أمرهم «فأذن لمن شئت منهم» بالانصراف «واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم».
اتصل بنا المركز الإعلامي الأسئلة المتكررة مراجع
لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ْ أي: لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فإذا دعاكم فأجيبوه وجوبا، حتى إنه تجب إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في حال الصلاة، وليس أحد إذا قال قولا يجب على الأمة قبول قوله والعمل به، إلا الرسول، لعصمته، وكوننا مخاطبين باتباعه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ْ وكذلك لا تجعلوا دعاءكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فلا تقولوا: " يا محمد " عند ندائكم، أو " يا محمد بن عبد الله " كما يقول ذلك بعضكم لبعض، بل من شرفه وفضله وتميزه صلى الله عليه وسلم عن غيره، أن يقال: يا رسول الله، يا نبي الله.
وليطلب العفة عن الزنى الذين لا يستطيعون الزواج لفقرهم إلى أن يغنيهم الله من فضله الواسع، والذين يطلبون مكاتبة أسيادهم من العبيد على تفاصيل إضافية دفع مال ليتحرّروا، فعلى أسيادهم أن يقبلوا منهم ذلك إن علموا فيهم القدرة على الأداء والصلاح في الدين، وعليهم أن يعطوهم من مال الله الذي أعطاهم بأن يحطّوا عنهم جزءًا مما كاتبوهم على دفعه، ولا تجبروا إماءكم على الزنى بحثًا عن المال - كما فعل عبد الله بن أُبيّ الطفل بأمَتَيْه حين طلبتا التعفف والبعد عن الفاحشة - لتطلبوا ما تكسبه بفرجها، ومن يجبرهنّ منكم على ذلك فإن الله من بعد الإجبار لهن غفور لذنبهنّ، رحيم بهنّ؛ لأنهنّ مُكرهات، والإثم على مُكْرِههنّ.
كلّ خبيث من الرجال والنساء والأقوال والأفعال مناسب وموافق لما هو خبيث، وكل طيب من ذلك مناسب وموافق لما هو طيب، أولئك الطيبون والطيبات مُبَرَّؤون مما يقوله عنهم الخبيثون والخبيثات، لهم مغفرة من الله يغفر بها ذنوبهم، ولهم رزق كريم وهو الجنة.
أي: ألم تشاهد ببصرك، عظيم قدرة الله، وكيف يُزْجِي أي: يسوق سَحَابًا قطعا متفرقة ثُمَّ يُؤَلِّفُ بين تلك القطع، فيجعله سحابا متراكما، مثل الجبال.
لتفظيع الزنى ذكر الله أن الذي اعتاده لا يرغب في الزواج إلا من زانية مثله أو مشركة لا تتوقى الزنى مع عدم جواز نكاحها، والتي اعتادت الزنى لا ترغب في الزواج إلا من زان مثلها أو مشرك لا يتوقاه مع حرمة زواجها منه، وحُرِّم نكاح الزانية وإنكاح الزاني على المؤمنين.
أي: أرشد المؤمنين، وقل لهم: الذين معهم إيمان، يمنعهم من وقوع ما يخل بالإيمان: يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ عن النظر إلى العورات وإلى النساء الأجنبيات، وإلى المردان، الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة، وإلى زينة الدنيا التي تفتن، وتوقع في المحذور.
لما ذكر فيما تقدم، تعظيم الرمي بالزنا عموما، صار ذلك كأنه مقدمة لهذه القصة، التي وقعت على أشرف النساء، أم المؤمنين رضي الله عنها، وهذه الآيات، نزلت في قصة الإفك المشهورة، الثابتة في الصحاح والسنن والمسانيد.
وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ْ إلى الصراط المستقيم، قولا وعملا، فلا سبيل لكم إلى الهداية إلا بطاعته، وبدون ذلك، لا يمكن، بل هو محال.